حببتُ الفلسفةَ ومارستُها لسنين طويلة، وأعمقُ ثلاثةِ كُتُب فلسفيَّة قرأتُها على الإطلاق هي أسفار الجامعة وأيُّوب ونشيد الأنشاد. وفي الواقع أنَّ أوَّلَ كتابٍ جعلَني فيلسوفًا، في الخامسةَ عشرةَ من عُمري تقريبًا، كان سِفر الجامعة.
يُمكنُ تصنيفُ كُتُب الفلسفة بطرُق عدَّة: بين قديمٍ وحديث، أو شرقيٍّ وغربيّ، أو تشاؤميٍّ وتفاؤليّ، أو عقلانيٍّ ولاعقلانيّ، أو أحَدِيٍّ وتعدُّديّ، وتصنيفاتٍ أُخرى سِوى ذلك. ولكنَّ أهمَّ تمييز، كما يقول غبريال مارسِل (Gabriel Marcel)، هو ما بين ''الملآن'' و''الفارغ''، المتين والضَّحل، العميق والسَّطحيّ. فعندما تكونُ قد قرأتَ جميعَ الكُتُب في جميع مكتبات العالَم؛ وعندما تكون قد رافقْتَ جميعَ حُكَماء العالَم في جميع رحلاتهم إلى أعماق الحِكمة، لن تكونَ قد وجدتَ ثلاثةَ كُتُب أعمق من الجامعة وأيُّوب ونشيد الأنشاد.